بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

التصوير الفوتوغرافي / أضواء المدينة (1)   

City Lights (1)

 

أضواء المدينة / إضاءة الشوارع

City Light / Street Lights

إن الأضواء في الشوارع تنشئ حالة خاصة وطابع درامي يمكن استغلاله في فن التصوير الفوتوغرافي. ولكن من وجهة نظر فنية، فإن نوع الإضاءة المستخدمة في الشوارع لا يصلح لصناعة لقطات التصوير بطريقة مباشرة. حيث تظهر مصابيح الشوارع بشكل مباشر بدون تنسيق، وكذلك في حالة وجود مجموعات من المصابيح.

ينشئ عن مصابيح الإضاءة ألوان الطيف، والتي تبدو في الصورة منتشرة الشكل ومشعة وتظهر بشكل غير مناسب عند التقاط الصور. إن مصابيح الإضاءة في الشوارع لا تتناسب مع عملية توازن الألوان في الصورة، ومع عملية اختيار لوحة ألوان الصور، بل ربما تعمل بشكل عكسي في الصور.

وبناء على ذلك قد تظهر بعض الصعوبات أثناء العمل، ولكن ذلك لا يقلل من جمال إضاءة الشوارع وسحرها. حيث أن إضاءة الشوارع تشبه النظر إلى شاشة التلفاز، فهي شاشة ملونة تظهر وحولها سواد قوي ولها جاذبية خاصة. هناك مجموعة من الألوان تظهر مع مصابيح الشوارع وذلك حسب المواد المستخدمة في صناعة المصابيح.

وهذه الألوان مثل البرتقالي، وهو طويل الطيف ويكون في مصابيح التنجستن القديمة، والتي قليلا ما قد نجدها اليوم في أضواء الشوارع. واللون (الأصفر- البرتقالي) وهو ضيق الطيف ونراه بسبب الصوديوم. واللون (الأزرق - الأخضر) والذي يكون عادة في مصابيح الفلورسنت. أما الألوان من الأزرق إلى الأبيض فتظهر لنا بسبب بخار الزئبق، بالإضافة إلى ضوء أزرق مشابه يظهر بسبب هاليد المعدن.

يمكن استغلال هذه الألوان لعمل توازن لوني في الصور الرقمية، حيث يمكن للمصور اختيار أي نوع لعمل توازن في ألوان الصور. في المعتاد يتم اختيار الألوان وتخطيط الصورة ويتم التقاط الصورة بالتنسيق الخام Raw. ولكن يجب العلم أن هذه الألوان يجب أن تكون مؤهلة بمعني أن تظهر بالشكل المطلوب في اللقطات.

في الوضع التلقائي للكاميرا، تكون المسافة المقترحة في اللقطة تتراوح بين 5000 كيلو و5500 كيلو، ولكن إذا كان مشهد الشارع يحتوي على الأقل على اثنين من مصادر إضاءة مختلفة، فإن هذا الإعداد الأساسي المحايد يُظهر اختلافات في الألوان. حيث أن الإضاءة تختلف في الصورة على حسب نوع المصباح، وبالتالي فإن مصابيح الإضاءة تعطي نتائج مختلفة في الصور.

فمثلا، إن ضوء مصابيح التنجستن له طيف مستمر عبر نطاقه، وذلك لأنه متوهج ويأتي من الاحتراق، وبالتالي يتم معالجته في التصوير بشكل جيد بمعنى أنه يتمتع بمظهر جيد حيث يشع إضاءة مستديرة. والعكس من ذلك المقياس في المصابيح من الصوديوم، حيث تكون إضاءة الصوديوم حادة وضيقة، وببساطة لا تحتوي أي أطوال موجية أخرى تتجاوز الارتفاع الضيق الذي يزيد قليلاً عن 589 نانومتر.

إنه في الأساس مصباح أحادي اللون. وبناء على وجود مختلف الألوان لمصابيح الإضاءة، يمكن للمصور التلاعب بألوان أضواء الشارع للحصول على لقطة مميزة. هناك ثلاث سمات أساسية للتصوير باستخدام أضواء الشوارع وهم، إن اختلاف أنواع المصابيح يسمح بالوصول إلى توازن الألوان في الصور، وإن اختلاف طريقة صناعة المصابيح تؤدى للحصول على نتائج مختلفة، وبناء على ذلك يمكن إنشاء علاقات بين الألوان في الصور.

مثال (1)

نظم الألوان

رسم ثلاثي الأبعاد عن نظم الألوان المستخدمة في المثال (2)، يصف الرسم العلاقات التجريدية بين اللون والضوء. 

مثال (2)

لقطة لمبني في بلازا، فيلا دي ليفا، كولومبيا. وهي مدينة تاريخية صغيرة في كولومبيا، وكان لها طابع مميز في الهندسة المعمارية. قام المصور بتضمين مصابيح الفلورسنت ذات اللون الأخضر البارد في اللقطة، وتمتد المصابيح على الجدار البعيد لتشكل نقطة تطابق لونية تصف دفء غروب الشمس الطفيف الذي يتسرب قليلاً عبر السحب الجبلية. 

مثال (3)

نظم الألوان

رسم ثلاثي الأبعاد عن نظم الألوان المستخدمة في المثال (4)، ويصف الرسم العلاقات التجريدية بين اللون والضوء. حيث ضوء مصابيح الفلورسنت الموجود على اليسار خارج الكاميرا يؤثر على الألوان في الصورة. 

مثال (4)

لقطة في منطقة الشارقة التراثية، الإمارات. كان التباين اللوني مميز بين ثلاثة أنواع من الإضاءة المختلفة. وهذا الاختلاف هو الذي يصنع اللقطة. فكما نلاحظ التنوع في الحجم بين المصابيح ووجود مختلف المصابيح مثل مصباح الشارع من التنجستين، ومصابيح من أنواع أخرى، بالإضافة إلى المصباح خارج إطار اللقطة وإضاءة سماء المساء الزرقاء في الخلفية. 

أضواء المدينة / المدن الكبيرة

City Light / Big Cities

كما في أضواء الشوارع التي لها سحر خاص، فإن أضواء المدن لها سحر ومذاق خاص، وخاصة في المدن الكبيرة والمهمة والتاريخية وغيره. إن المدن في الليل تصبح أكثر إشراقا، وخاصة مناطق وسط المدن الكبرى. وتقوم الحكومات بتخصيص الكثير من الطاقة لإضاءة المباني العامة والتجارية. بالإضافة إلى أضواء الإعلانات والتي تغطي مساحات ضخمة مثل جوانب المباني والتي قد تكون مغطاة بالكامل أو تأخذ نطاقات كبيرة من الشوارع.

أضافت الإضاءة التألق والبريق في المناظر الكبيرة للمدن. ومن أشهر المدن التي لها طابع مميز للغاية بسبب أضوائها مدينة شنغهاي، نيويورك، طوكيو، ودبي وغيرهم. حيث تتغير طبيعة المشاهد بين النهار والليل بسبب جمال الإضاءة، حيث يتم التخطيط للإضاءة بأسلوب يتناسب في النهار والليل. لتصوير لقطات تضم أضواء المدن الكبرى يجب الأخذ في الاعتبار بعض الخطوات.

الخطوة الأولي هي البحث عن موقع مناسب للتصوير وزاوية منظور جيدة تُظهر العناصر الجميلة في المشهد، مثل سطح مبني، شرفة في مبني عالي، أو الوقوف على تل أو جبل وغيره إذا كان ذلك سهل ومتوفر، المهم هو الوقوف على مستوي مرتفع بما يكفي لتصوير لقطة شاملة.

الخطوة الثانية هو تخطيط المنظر، فمن الجيد أن تدرس الموقع، فقد يضم أماكن سياحية أو مباني مهمة أو تاريخية أو منحدرات أو شوارع أو كباري وغيره من الأشياء والعناصر التي تضيف الكثير إلى اللقطة. وكذلك يفضل أن تختار هدف التصوير، فقد تفضل أن تأخذ لقطة شاملة للمكان أو أن تركز على شيء معين مثل أثر معين أو مبني مميز وما إلى ذلك.

الخطوة الثالثة تتمثل في التعامل مع الإضاءة، وذلك يتوقف على الهدف المطلوب تحقيقه من الإضاءة، هل سيتم استخدام الإضاءة كعنصر رئيسي أم ثانوي ليضيء عنصر ما فقط. ما هي اعدادات الكاميرا التي تتناسب مع المشهد ومع الأضواء، مع مراعاة توقيت التصوير، ما هو الوقت من اليوم الذي يتناسب لإظهار جمال أضواء المدن، هل في الليل أم في وقت الغروب.

بعدها يمكن الاستعداد للعمل وللتصوير وإنشاء عدة تجارب حتى الحصول على النتيجة الأمثل. هناك ثلاث سمات رئيسية لتصوير أضواء المدن وهم، اختيار زاوية التصوير والمنظور الأمثل للمشهد، التخطيط وإعداد المشهد، والتعامل مع الإضاءة مع الأخذ في الاعتبار التوقيت واعدادات الكاميرا واعدادات HDR.

 

أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله

 

المراجع والمصادر

كتاب "التقاط الضوء - قلب التصوير".

CAPTURING LIGHT - The Heart of Photography

 

لمزيد من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

حساب "مدونة ألوان" على فيسبوك.

حساب "مدونة ألوان" على انستجرام.

حساب "مدونة ألوان" على تويتر.